80 صائما يلتفون حول مائدة الإفطار في جو عائلي بامتياز
«Oran Ȝƪ» تشارك جمعية شباب الباهية إفطار عابري السبيل بغابة كناستيل
كانت الساعة تشير إلى حدود السادسة مساء حين وصلنا إلى إحدى الفيلات بكناستيل ، وهي " الفيلا " التي قامت محسنة بتقديم مفاتيحها لجمعية شباب الباهية طيلة الشهر الفضيل من أجل مواصلة نشاطهم الخيري ، وعند دخولنا وجدنا مجموعة من الشباب يقومون بترتيب بعض المواد من فواكه و قارورات مياه معدنية و أخرى غازية و علب اليايورت و الحليب و التمر وغيرها من المواد، في حين تفرغت مجموعة أخرى لتقطيع كيلوغرامات من البطاطا وقليها ، و تقطيع مواد السلطة و المعندوس للتزيين و ترتيب حبات السفيرية ، في الوقت الذي انتهى فيه عمي قايد الهواري الذي يدعوه الجميع بـ«جدو" من تحضير " الحريرة " و طبق الدولمة و حساء "الإسكالوب" .
بعد ساعة ازدادت ديناميكية الفريق و تعاون الجميع لإتمام وتجهيز كل الأطباق و المواد التي سيتم وضعها على موائد الإفطار، ليتم بعدها وضع "قازار" الحريرة و طاجين الدولمة والبطاطا المقلية و بقية المواد بكل من سيارتي المتطوعين عباس و زكريا ، لينطلقا الجميع مباشرة نحو غابة كناستيل وأيضا الجمهورية التي رافقت فريق شباب الباهية إلى آخر نقطة ، وبعد مدة وصلنا إلى غابة كناستيل بالحيز المطل على الطريق أين وجدنا عددا آخر من المتطوعين الذين كانوا حاضرين بالموقع لاستقبال الضيوف ، و انطلق الفريق في توزيع المواد الباردة على الطاولات قبيل الآذان الذي لم يبق على توقيته سوى بضع دقائق قليلة، ليخرج حينها 3 عناصر من فريق الجمعية إلى حافة الطريق من أجل توقيف المارة من عابري السبيل ركابا و سائقين ومترجلين، يدعونهم إلى الانضمام و مشاركتهم مائدة الإفطار، وقد كان حينها عدد المتواجدين حول الموائد أكثر من 30 شخصا ليكتمل العدد عند الآذان و بعده بدقائق إلى 80 شخصا، وهكذا سارع الفريق إلى تقديم الوجبات الساخنة مباشرة بعد الآذان ، و بقي فريق الجمعية يقدم خدماته و ينتهز اللحظة "لتحليل صومه" كما يقال، فلم يجلس أحد منهم حول المائدة إلا بعد أن تناول الجميع إفطارهم، و كان من بينهم عابري السبيل الذين تم إيقافهم وسط الطريق وأشخاص آخرين اعتادوا على الالتحاق بالموقع مند أيام، منهم عمال، موظفين، بنائين، و سائقين قدموا من ولايات أخرى إلى وهران من أجل لقمة العيش، دون أن ننسى سائقي حافلات "الإيطو" الذين فرض عليهم الواجب البقاء بالعمل إلى غاية آذان المغرب، و لم يتمكنوا من الالتحاق بمنازلهم و الإفطار رفقة عائلاتهم، و كان بالمجموعة أيضا عدد كبير من الرعايا الأفارقة من النيجر و المالي الذين أبدوا سعادة عارمة بهذه المبادرة التي لمسنا فيها الكثير من الفرح و الارتياح وسط مجموعة ضيوف شباب الباهية الذين صاروا يغادرون بعد إتمام الافطار الواحد تلوى الآخر مقدمين شكرهم الجزيل للفريق .
الاحتفال بعيد ميلاد خالتي حورية يزين " القعدة "
غادر الضيوف بعد الانتهاء من تناول وجبة الإفطار لينطلق عناصر الجمعية في عملية تنظيف الموائد و ترتيب موائد إفطار أخرى اجتمعوا حولها في جو أخوي رائع يلتقطون صور السيلفي وعلامات السرور بادية على وجوههم، لا يشكون تعبا و لا عناء ، و بعد دقائق طلب رئيس جمعية شباب الباهية السيد مخنف محمد من الجميع التريث و البقاء حول موائد الإفطار التي رتبت على شكل مائدة واحدة طويلة ،مشيرا أنه يريد أن يعلمهم بأمر يخصهم جميعا ، و ما هي إلا ثوان حتى فاجأ الجميع خالتي "حورية" المتطوعة بمطبخ الجمعية بالغناء بأعلى الصوت "عيد ميلاد سعيد خالتي حورية " ، في اللحظة التي عانقها فيها ابنها الوحيد أحد المتطوعين الناشطين بالجمعية الذي أبى سوى أن يصنع لحظات من السعادة لأمه بتقديم كعكة احتفالا بعيد ميلادها الـ 44 ، معبرا عن حبه لها أمام الجميع و افتخاره بها، لأنها اعتنت به و قامت بتحمل أعباء تربيته في ظروف صعبة، وزرعت فيه حب الخير والتطوع ، كانت أجواء جد مؤثرة ذرفت فيها الدموع و احتفل الجميع بعيد ميلاد خالتي حورية الذي صنع أجواء جميلة أضافت لتلك الليلة الرمضانية مزيدا من الروعة.
مرح ومتعة و أحاديث طريفة
بعد الانتهاء من تناول وجبة الإفطار انطلق الجميع مجددا لتنظيف المكان و جمع الأواني و غادر الجميع كل إلى بيته ، إلا جدو قايد عمر الذي عاد إلى الفيلا لتحضير وجبة السحور و بعض المأكولات لصديقه الذي توفيت زوجته منذ 5 أيام و تركته رفقة أطفاله الثلاثة الصغار ،فيما عاد أيضا بعض المتطوعين لإتمام ما بقي من أعمال التنظيف و الترتيب، والتف كل من رئيس جمعية شباب الباهية و هو طبيب نفساني و نائبه عباس مستورد آلات الخياطة و عارضة الأزياء التي مثلث الجزائر في مسابقة ملكة جمال العالم لصيف 2016 ،و حازت على المرتبة الثانية بعد المشاركة البرازيلية ، و كذا زكرياء العامل الحر كلهم لغسل الأواني التي أعدت لإفطار الجميع، و تسابق أربعتهم و معهم الطفلة الصغيرة أخت زكرياء لإتمام ما بقي من العمل في تلك الليلة ، و هم يتحدثون عن برنامج إفطار الغد ويمزحون قائلين : ما رأيكم في ملكة جمال شعرها "مخبل" ودون مكياج و تلبس بدعية تغسل" قزارا " وكانوا يقصدون طبعا " نهاد " ، التي أشارت إلى حملة الفايسبوك التي هاجمها من خلالها البعض وراحت تذرف بسببها الدموع، مؤكدة أن الأمر سيدفعها للمثابرة و بلوغ نجاحات كبيرة في المستقبل، و يقول آخر : " انظروا إلى الطبيب النفساني الذي انتقل إلى عمل غسل الأواني و تخلى عن مهنته ، ليرد عباس ضاحكا : " أتخيل وجه أمي و دهشتها حين ترى ابنها يغسل الأواني .." ، وفي جو مرح انتهى الجميع من ذلك و غادروا في حدود منتصف الليل نحو منازلهم يضربون موعدا آخر للالتقاء بساحة التطوع و حب الخير و التسابق لنيل الأجر و الثواب خلال شهر رمضان الكريم.
ليست هناك تعليقات: